◼️ فقهاء قانون دوليون يكشفون لـ CNBC عربية المسارات المحتملة لـ "محاسبة الأسد".. والموقف الروسي
◼️ شواهد سابقة لرؤساء دول وحكومات حصلوا على اللجوء في دول أخرى
◼️ الدول ذات السيادة تتمتع بحق منح اللجوء لأي شخص، بما في ذلك رؤساء الدول الأجانب، وفقًا لمصالحها وتقديراتها
◼️ يمنح اللجوء عادةً استنادًا إلى القواعد الداخلية للدولة المستضيفة واعتبارات سياسية، دون إلزام قانوني دولي
خاص CNBC عربية- محمد خالد
بعد تطورات دراماتيكية متسارعة شهدتها سوريا، سقط نظام بشار الأسد بعد تمكن المعارضة -عقب هجوم مباغت بدأته في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني- من السيطرة على عديد من المحافظات السورية في الأيام القليلة الماضية.
وفيما أثيرت حالة من الغموض بشأن مكان الأسد خلال الساعات الأخيرة -بعد الكشف عن خروج من سوريا على متن طائرة إلى وجهة لم تكن معروفة مساء، نقلت وكالات أنباء روسية عن مصدر بالكرملين، الأحد 8 ديسمبر/ كانون الأول، قوله إن موسكو تمنح بشار الأسد وأسرته حق اللجوء، وأفاد بأن الأسد حالياً في موسكو.
وروسيا هي حليف تقليدي للرئيس السوري السابق، وساعدته على نطاق واسع منذ اندلاع الحرب في بلاده في العام 2011، وكان لها الفضل في استعادته السيطرة على غالبية المناطق التي فقدها في فترات تقدم المعارضة قبل العام 2020، من خلال تواجدها العسكري المباشر.
وبينما تبزغ مطالبات "محاسبة الأسد" وتوجيه اتهامات "جرائم حرب" له جراء الأحداث التي شهدتها بلاده منذ العام 2011 والاتهامات التي تلاحق نظامه، تثار تساؤلات حول الأساس القانوني المُنظم لمنح روسيا اللجوء لبشار الأسد، وكيف يتعامل القانون الدولي في هذه الحالات تحديداً.
اللجوء السياسي لرؤساء الدول إلى دول أخرى يعدّ حالة خاصة في القانون الدولي، ويتعلق بعدة مبادئ وقواعد مستمدة من القانون الدولي العام، بما في ذلك حق اللجوء، السيادة، وحصانة رؤساء الدول.
وبحسب ما ذكره فقهاء ومختصون عالميون في القانون الدولي، في تصريحات متفرقة لـ CNBC عربية، فإن "الدول ذات السيادة تتمتع بحق منح اللجوء لأي شخص، بما في ذلك رؤساء الدول الأجانب، وفقًا لمصالحها وتقديراتها"، كما أنه "يمنح اللجوء عادةً استنادًا إلى القواعد الداخلية للدولة المستضيفة واعتبارات سياسية، دون إلزام قانوني دولي".
سوابق دولية
المدير المشارك لمركز حقوق الإنسان والقانون الإنساني التابع لكلية الحقوق بجامعة واشنطن، روبرت غولدمان، يقول في تصريحات خاصة لـ CNBC عربية، إن القانون الدولي، وخاصة قانون حقوق الإنسان، يعترف بحق الشخص في طلب اللجوء إذا كان يفر من الاضطهاد أو الصراع، وهو حق منصوص عليه في المادة 14 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعديد من معاهدات حقوق الإنسان. ومع ذلك، فإن هذا الحق ليس تلقائياً لأنه يجب أن تمنحه الدولة التي يُقدَّم إليها الطلب.
يضيف مدير مكتب أبحاث جرائم الحرب، المتخصص في القانون الدولي: هناك سوابق دولية كبيرة لدول تمنح اللجوء لرؤساء دول/حكومات أطيح بهم أو فروا من حكمها في الماضي؛ على سبيل المثال، منح المملكة العربية السعودية عيدي أمين من أوغندا اللجوء، ومنحت فرنسا حق اللجوء لبيبي دوك دوفالييه من هايتي، ومنحت إسبانيا حق اللجوء للرئيس الأرجنتيني خوان بيرون.
وعليه، فإنه "ليس من المستغرب أو غير القانوني أن تمنح روسيا مثل هذا الطلب من الأسد"، وفق غولدمان، الذي يستطرد قائلاً: من ناحية أخرى، لم تمنح الولايات المتحدة الإذن لشاه إيران بالعيش في الولايات المتحدة. مثل هذه القرارات تقديرية وغالباً ما تكون سياسية للغاية؛ لأنها تنطوي على الرأي العام المحلي والدولي ويمكن أن يكون لها تأثير على سلوك الدولة المطلوبة دبلوماسياً.
اقرأ أيضاً: عصر جديد في سوريا
تنص المادة 14 التي يشير إليها غولدمان في فقرتها الأولى إلى أنه لكلِّ فرد حقُّ التماس ملجأ في بلدان أخرى والتمتُّع به خلاصًا من الاضطهاد.
غير أن الفقرة الثانية من المادة نفسها تنص على أنه لا يمكن التذرُّعُ بهذا الحقِّ إذا كانت هناك ملاحقةٌ ناشئةٌ بالفعل عن جريمة غير سياسية أو عن أعمال تناقض مقاصدَ الأمم المتحدة ومبادئها.
محاسبة الأسد
في هذا السياق، فإن الفقيهة القانونية، الباحثة في حل النزاعات الدولية في معهد كروك للسلام الدولي في الدراسات بجامعة نوتردام، ماري إيلين أوكونيل، تقول في تصريحات خاصة لـ CNBC عربية: "إن روسيا تستطيع عموماً أن تدعو أي شخص تريد إلى أراضيها.. وعندما كانت موقعة على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كان عليها الالتزام بتسليم الأسد إلى المحكمة الجنائية الدولية.. ولكنها لم تعد ملزمة بذلك".
يشار إلى أنه في شهر نوفمبر/ تشرني الثاني من العام 2016، أعلنت موسكو رسميا عن سحب توقيعها على نظام روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية.
لكن أستاذة الدراسات الدولية للسلام في الوقت نفسه تضيف قائلة: "بموجب اتفاقيات جنيف والبروتوكولات الملحقة بها والقانون الدولي العرفي، فإنني أزعم أن روسيا ملزمة بمحاكمة أو تسليم الأسد بتهمة ارتكاب جرائم حرب".
وكانت روسيا، قد استخدمت في وقت سابق، وتحديداً في مايو/ آيار من العام 2014، حق الفيتو، لمنع صدور قرار أممي بإحالة ملف نظام الأسد للجنائية الدولية.
وفي مؤتمر صحافي عقده الأحد، بعد أقل من 24 ساعة على سقوط نظام الأسد في سوريا، دعا الرئيس الأميركي جو بايدن إلى "محاسبة الأسد". كما نقلت رويترز وكالة رويترز عن مسؤول أميركي كبير، قوله: "يجب محاسبة الأسد على جميع الجرائم التي ارتكبها وينبغي تعقبه بكل الوسائل الملائمة".
حماية روسية
استاذ القانون الأميركي، المتخصص في القانون الدولي، توم غينسبيرغ، يقول في تصريحات خاصة لـ CNBC عربية: "يحق لبشار الأسد طلب اللجوء.. والدول لديها الحرية في منح اللجوء وتوفيره، حتى للديكتاتوريين"، على حد وصفه.
ويضيف: "قد تكون هناك محاولات لاحقة لتسليم الأسد من أجل مواجهة العدالة، وهناك لجنة تحقيق دولية مستقلة جمعت أدلة قد تُستخدم في هذا السياق.. كما يمكن للمحاكم الوطنية السعي لإثبات الاختصاص (الاختصاص القضائي لملاحقة الجرائم الخطيرة مثل جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية)".
لكنه مع ذلك لا يتوقع أن تكون هذه الجهود فعّالة؛ حيث ستقوم روسيا بحمايته كحليف لها، على حد قوله.
ويشار إلى أنه على مدار سنوات مضت من عمر الصراع في سوريا، ورغم مساعي جهات مختلفة إلى ملاحقة الأسد باتهامات "جرائم الحرب"، لم تتخذ الجنائية الدولية إجراءً ضده، لا سيما وأن سوريا ليست طرفا في نظام روما، كما لم يصدر قرار من مجلس الأمن بالمحاكمة.
شاهد أيضاً:
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي